أخبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم – بقوله : { لا فرق بين عربي ، ولا أعجمي ، ولا أسود ، ولا أحمر إلا بالتقوى ، كلكم لآدم وآدم من تراب }
جعلها أرقى من هذه المعاني الأرضية ، التي يتصارع عليها الناس ، فيجتمعون عليها أو لأجلها أو لمصلحتها حيناً ، ويفترقون أحياناً كثيرة ، قد يجمعهم الدرهم والدينار لمصلحة ، ثم يكون أعظم سببٍ من أسباب تفريقهم ، قد تجمعهم دعاوى من القوميات أو العصبيات يتحمسون لها ، ثم يختلفون عليها ، ويتفرقون شذر مذر ، أما الأسمى والأرقى فهو ذلك الإيمان الجامع ، وهو ذلك الإسلام الذي يوّحد بين كل المختلفات لتكون شيئاً واحداً : { وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدونِ } .
ولقد منّ الله - سبحانه وتعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى المؤمنين بمنن كثيرة ، لكن سياق القرآن يُبرز لنا المنة بتلك الأخوة ، لأنها من أعظم الأواصر وأقواها وأبقاها ؛ فإن الله - سبحانه وتعالى - دعا المؤمنين فقال : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } .
ويقول في سياق المنة على رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - :{ وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم }.